إعداد هيفاء العرب، لبنى نويهض، وندى شحادة معوض
ISBN: 978-9953-405-42-1
شراء عبر الشبكة | محتويات الكتاب | صورة الغلاف
صدر حديثا ً ضمن سلسلة علوم الايزوتيريك رواية “… وتحقق الأمل”، وهي باكورة إعداد ثلاث نساء عملنَ معا ً في انجاز تحفة أدبية تشهد ببراعتهنَّ، وهنّ: المهندسة هيفاء العرب، الأستاذة لبنى نويهض، والمهندسة ندى شحادة معوض. الكتاب يضم 304 صفحات من الحجم الوسط، منشورات أصدقاء المعرفة البيضاء، بيروت.
يبدو أنه لم يشهد تاريخ الرواية العربية ثلاث نساء انتظمنَ معا ً ليس بالتكافل والتضامن والتكافؤ وحسب، بل بالمنهج والأسلوب والسرد والحنكة والمفاجآت غير المتوقعة… عملنَ كل ما يلزم لصياغة وبناء رواية عصرية مميزة. والحكم يعود للقارئ في النهاية.
“… وتحقق الأمل” بما يتخلـّله من تشويق ومن بُعد وعمق وتحليل دقيق ينطوي على رقة هفهافة وشفافية تصوير تطال ما لا يخطر في البال، تطال ما لا تستطيع غير المرأة كشفه لجهة فهم دواخل المرأة. يروي الكتاب قصة حقيقية من صميم الحياة المعاصرة، ترتكز أهميتها على ما لا يمكن للانسان أن يستمتع من دونهما: الفكر والعاطفة… محبوكان في وحدة حياتية متلازمة، ارتقاءً نحو أسرار سعادة الحب والتنعم في عيش الحياة كالمخلوقات النورانية.
“… وتحقق الأمل” يذكـّرنا في بعض جوانبه بعهود الرومنسية، لكن بأسلوب مبتكر أكثر منه مشوِّق يتماشى مع العصر، فلا غرو إن طمح للانتشار في كل زمان ومكان… ويذكـّرنا أيضا ً بقصص الحب التي خلـّدتها الأزمان، لكن بطريقة انسانية تستفزّ المشاعر وتتفاعل معها الى حد الفرح العميق، والى حد العذاب الذي يطال الوجع، والبكاء أحيانا ً.
أبطال “… وتحقق الأمل” أربعة، متناقضو الشخصية، إنما يجمعهم هدف مشترك هو إنقاذ المرأة في عهدتهم. مسرح القصة واقع تصرفات كل منهم بما تشهده من تحايل ومراوغة وخداع وعذاب الى حد المأساة، ومن عذوبة ورقة الى حد الشفافية، ومن قسوة الى حد البطش، واستنزاف يجاري الموت البطيء! ومهما بلغ التكدُّر أشدّه، فلا تخلو النفوس من لحظات صفاء وانخطاف مُلهم وعودة الى الذات في حسّ جماليّ يرقرق السرد، ويضفي عليه لمسات من ابداع الفكر وأناقة التعبير العاطفي في عبارات تصويرية مضيئة تخلـّد الحب في الحياة، الى ما بعد الحياة!
الى أي حد نستطيع اعتبار “… وتحقق الأمل” فتح جديد في الرواية العربية الحديثة؟! قصته تغور في دهاليز نفس امرأة عبثت بالحب والفضائل، فغرقت في طيشها، في صراعات صارخة بين الجهل والألم والضياع، الى أن إرتدّت ووجدت الحب من جديد. عرفته حقيقة سعادة في صميم الواقع المعاش، سعادة تتمحور حول الوعي، وعي حقيقة أن الحب وحده هو ما يعبِّئ نقصان النفس، نقصان المرأة في الرجل ونقصان الرجل في المرأة… لقد اكتشفت بطلة الرواية معنى وأهمية الحب في حياة كل انسان، والذي مهما ارتقى بوعيه لا يتفوّق في حياته من دون الحب، حيث “ارادة الحب تحقق ارادة الحياة!”.
هكذا تروي بطلة القصة بدايات حياتها التي لم تكن سوى بذخ في الثراء… وبحث عن لذة لمّاعة أفقدتها قيمة المرأة داخلها. لكن ارادتها للحياة جعلت يد الحب تنتشلها من بؤرة ضياعها، فوعت أنه “لا معنى للحياة إن بدأت بمجد وانتهت بمجد ولم ترطـّب بدمعة حب واحدة!”.
هنا يبرز السؤال المحيِّر، كيف ينمو الحب الكبير في واقع مأساوي؟! لا بد من الاشارة أولا ً أن تعرية الجسد سهلة، واعترافات لواعج القلب ربما أسهل… لكن الى أي حد تستطيع المرأة تعرية أفكارها أمام الحبيب… والبوح بكل الأسرار التي احتفظت بها لنفسها كحلىً نادرة نفيسة أورثتها إياها التجارب والحيطة والحذر، والريبة والشك، وأهمها حدس المرأة وما تكشفه لها أحلامها… فهذا كله من بين ذكريات أخرى يشكل منتهى خصوصية المرأة، وهذا كله تكتنزه في تلك الزاوية الحميمة من الذاكرة… ربما للجوء اليها من حين لآخر، أو مقارنتها بالواقع المعاش. المرأة التي تريد أن تأخذ من الحياة أكثر من غيرها، يجب أن تعطي الحبيب أكثر من غيره. والأمر ينطبق بحذافيره على الرجل أيضا ً. حينئذٍ كلاهما يجعلان من مكنونات الذهن والفؤاد تربة خصبة على مسار توحيد حياتهما المشتركة باتجاه الحب الكبير الذي يطمح اليه كل شاب وفتاة، الحب الكبير الذي يتسامى فوق التنغيص والكدر والعذاب والمكابدة والدموع… فيتفتـّق الذهن والفؤاد معا ً على سعادة لم تخطر في البال! كما باح الحبيب بعفوية الصدق ” ان سعادتي لا تقاس، لأن سعادة من ينظر اليّ في سعادتي كبيرة”.
بأسلوب دقيق وانسيابية عفوية ممتعة يصوِّر الكتاب قصة صراع الوعي ضد جهل النفس للنفس…ليحوِّل هذا الوعي الظلمة الى نور، ليحوِّل الضياع الى لقاء، والانهيار الى تجربة تحدٍّ نهضت ’بحطام‘ امرأة من الحضيض الى أسمى معاني الحب كما يمكن أن تجسده المرأة الى جانب من تعشق…
ناجت بطلة القصة حبيبها معبـّرة ً عن تجربتها قائلة ً “كنتُ دائما ً أبحث عن الحب الحقيقي، لكني لم أكن أعرف ما هو، ولم أكن قادرة على أن أعرِّفه لنفسي أو أن أرسم صورته. كنت أبحث عن شيء أتمناه لكن لا أعرفه. معك، بات الحب صورة جلية، وبتُّ أيضا ً أفهم نفسي بوضوح، لا بل أقرب إلى نفسي بعد أن كنا غرباء عن بعضنا. رائع ما علـَّمتني، وكم علـَّمتني. جعلتني أكتشف نفسي دونما سفسطة أو تعقيد، إنما ببساطة وإنسيابية وصدق”.
وعت البطلة “أن الحياة سلسلة هائلة من جمال يتعلـّق بحب، وحبٌ يتعلـّق بعظمة، وعظمة تتعلـّق بخلق، وخلق يتعلـّق بخلود، وخلود يتعلـّق من جديد بحب”.
ووعت أن المرأة التي تعرف كيف تحب، تعرف كيف تنصهر فيمن تحب، بدفء ما بعده … وإندماج ينبعث من جوارحها فتنجبل بكليتها في كل حركة تأتي بها، وتكون في كلـِّيتها قبلة تجسّد بلاغة صدق حبها في صمت مبين.
ومن منطلق “من يفتقر الى الحب يفقد الوجه الانساني فيه”، يتوجه الكتاب الى كل من يعيش الحب، أو يبحث عنه، حتى وإن تنوعت تفاصيل التجربة أو أطرها الظاهرة… فالنفس البشرية تبقى واحدة في معاناتها، ولعلّ معاناتها الكبرى في الزمن الراهن هي افتقارها لحقيقة الحب… فكيف “… يتحقق الأمل”؟!؟!؟!