في غابر الأزمان، لم تكن المعرفة مقسمة أو مجزأة الى مواضيع واختصاصات شأن العلوم الحالية. فنحن اليوم نسمع باسماء علوم كثيرة منها علم الفيزياء، وعلم الكيمياء، كذلك علم النفس، والطب، وعلم الذرة وعلم الفلك ألخ… أما في الماضي السحيق فكانت المعرفة علماً واحداً، هو علم الانسان… الذي كان يشمل سائر العلوم.
فالمعاهد القديمة لم تكن برامجها تسمح للطلاب بدراسة علم الطب لوحده دون علم الهندسة… أو علم الفلك دون علم الذبذبات الصحية مثلا… بل كانت المعاهد تدرّس علم الانسان ككل، فيكتسب الطالب سائر العلوم التي تُعتبر أجزاءاً من علم الانسان !
ومع مرور الزمن، وبعدما تكثفت العلوم المادية حتى باتت تشكل عائقاً أمام تطور الانسان وانطلاق وعيه… وبعد أن شرد الانسان عن الدرب القويم، وأغلقت منافذ الوعي فيه… وبعدما غاصت معظم خلايا دماغه في لا وعي مطبق، لم يعد باستطاعة الانسان أن يلمّ بما كان يلمّ به قديماً من علوم… لأن وعيه المتضائل لم يعد باستطاعته استيعاب سائر العلوم. آنذاك، نظام جديد وُجد… وكأن الحكمة الالهية قررت أن يقوم الانسان بدراسة علم واحد أو عِلْميْن، دون سائر العلوم… على أن يطرق باب علم مختلف في كل دورة حياتية لاحقة! بذلك يكتسب سائر العلوم عبر مراحل حياتية عديدة، فيتفتح وعيه تدريجياً، ويصل رويداً رويداً الى علم الانسان الكامل. عندها تتفتح جميع خلايا دماغه، ويصبح كتلة وعي واحدة.